بسم الله الرحمن الرحيم
بحث جديد يثير جدلاً: الأطفال يكذبون في الشهر التاسع
د. ريدي: في العام الثاني يدخل الطفل مرحلة الكذب لحفظ ماء الوجه
يقول أحد الأطفال في سن الحبو: »ليس معي بسكويت« وعلى ملامح وجهه ترتسم صورة البراءة والصدق, ورغم ذلك نجد فمه ملطخاً بآثار الشيكولاته وفتات البسكويت بشكل ظاهر.
علينا ألا نندهش فمثل هذه الكذبة هي احدى سمات الطفولة التي تختلق بعض الاكاذيب لأسباب مختلفة, لكن الجديد هو ما تطرحه الباحثة »فاسوديفي ريدي« استاذة علم النفس النمائي والحضاري بعنوان: كيف يقرأ الاطفال ما يدور بخلدنا? حيث تقدم لنا فكرة جديدة تتلخص في ان الاطفال يقومون بهذه التصرفات ويلجأون للكذب في سن مبكرة لم تُصدق او يلتفت اليها اي بحث سابق.
تؤكد هذه الاستاذة في جامعة بورتسماوث ان الاطفال يبدأون الكذب في سن ثمانية شهور, حيث يمكنهم البكاء او الضحك بصورة مخادعة وتتحدث الباحثة عن طفل في الشهر التاسع من عمره لا يرغب في التوقف عن اللعب فيتظاهر بالصمم متجاهلا صيحات الأم.
كما رصدت ظاهرة الاطفال الذين يتظاهرون بالبراءة عندما يضبطون وهم يقومون بعمل شيء منهي عنه او محرم.
وتستطرد ريدي في متابعة دراستها وتصل مع الاطفال في سن عامين ونصف العام ليدخلوا مرحلة الكذب لحفظ ماء الوجه وغالباً ما يشرع الطفل هنا في القاء اللوم والاتهام على اشقائه, حتى يتجنب العقاب. قد تكون هذه الملاحظات قد مرت على الكثيرين منا لكن التحدي العلمي الذي تطرحه ريدي يحاول ضرب المفهوم التقليدي المستقر والقائل بان الاطفال لايستطيعون »الخداع الحقيقي« الا عندما تتكون لديهم ما يسمى ب¯ »النظرية العقلية« ومعنى ذلك انهم يتمكنون من فهم مختلف اعتقادات الآخرين وتميزها عن اعتقاداتهم, وهذه الملكة لا تتشكل الا في سن الرابعة تقريباً ويرى مؤيدوا هذه النظرية ان الاطفال لا ينخرطون في الكذب حتى يصلوا لهذا السن.
خداع الوالدين
نجمت هذه النظرية من سلسلة من الاختبارات التجريبية التي اجراها باحثان في علم النفس مثل »ه¯. فيمر وج¯. بيرنر« في بداية الثمانينات من القرن الماضي لمعرفة, هل ينسب الاطفال الاعتقادات الزائفة للاخرين?.
ولكن بعد مراقبة سلوك اكثر من خمسين طفلاً تتراوح اعمارهم من سبعة اسابيع الى الاطفال في سن ما قبل دخول المدرسة, واجراء سلسلة من الدراسات عليهم, وتقول »ريدي« ان ملاحظاتها لا تتطابق مع رأي »الكتب المدرسية« وكان معظم عملها يتركز في ملاحظة الاطفال في بيوتهم وقد يحدث ذلك اسبوعياً ونشرت هذه النتائج في مقال بعنوان »الخداع والحياة الاجتماعية« والذي نشر في المجلة العلمية »مسائل فلسفية« التي تصدرها الجمعية الملكية.
من خلال دراسات »ريدي« اصبح واضحاً ان الاطفال يحاولون خداع الوالدين في سن مبكرة اكثر مما نتوقع وتقول ريدي: نحن نقضي وقتا اطول في التعامل مع الاطفال كنوع من اعدادهم للحياة الاجتماعية بينما تحقق لهم »النمو«.. لقد اصبحوا حالياً وقد مارسوا الحياة الاجتماعية بالفعل«.
الشك
لا يزال كثير من خبراء الطفولة يتشككون في آراء »ريدي« منهم ريتشارد وافسون وهو احد رجال علم نفس الطفل وكاتب ومحاضر »فخري« في جامعة ستار ثكلايد, ويعتقد ان الكبار احياناً يفسرون الاشارات بشكل خاطئ:
»فحينما يتظاهر الطفل بالصمم فهو يقول: »انا اركز فيما افعله »وليس« ساتظاهر بعدم الاصغاء لكم« وهو احساس بالتركيز على الذات يريد منا الطفل ان نقر له بأنه مركز هذا العالم وان كل ما يريده يفعله.
لكن هناك مؤيدين لريدي أمثال البروفسور ديفيد ميسر من مركز الطفولة بالجامعة المفتوحة فهو يوافق على ان الاطفال الرضع ينخرطون في »اشارات اجتماعية« من عمر تسعة او عشرة اشهر, ومعنى ذلك انهم قادرون على النظر للاخرين ورؤية كيفية تفاعلهم مع الاحداث, لكنه غير متأكد من قدراتهم على الخداع لكنه يوافق على آراء ريدي في ان القدرة على الخداع تحدث في سن مبكر.
لكن لماذا يخدعوننا الاطفال? ولماذا نقلق من هذه التصرفات?
البحث يقول: ان الاطفال خائبون في الكذب فهم لا يستطيعون خداعنا او النجاح في هذا الخداع سوى 15 في المئة من الوقت ومع ذلك يصرون على اتباع ذلك النهج.
ومازال الجدل مستمراً ويحتاج الامر الى مزيد من الدراسات التجريبية والدراسات المبنية على الملاحظات حتى نصل إلى نتائج علمية يجمع عليها الباحثون وتتعلق بمجال شديد الاهمية وهو سلوك الاطفال.