| ايها المغتربون | |
|
+4ابو سيف الدين ابوملاك الطير الدمشقي *أبووليد* 8 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
*أبووليد* عضو مميز ذهبي
عدد المساهمات : 392 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 44
| موضوع: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 2:27 am | |
| مهما طالت سنين الغربة بالمغتربين، فإنهم يظلون يعتقدون أن غربتهم عن أوطانهم مؤقتة، ولا بد من العودة إلى مرابع الصبا والشباب يوماً ما للاستمتاع بالحياة، وكأنما أعوام الغربة جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب. لاشك أنه شعور وطني جميل، لكنه أقرب إلى الكذب على النفس وتعليلها بالآمال الزائفة منه إلى الحقيقة. فكم من المغتربين قضوا نحبهم في بلاد الغربة وهم يرنون للعودة إلى قراهم وبلداتهم القديمة! وكم منهم ظل يؤجل العودة إلى مسقط الرأس حتى غزا الشيب رأسه دون أن يعود في النهاية، ودون أن يستمتع بحياة الاغتراب! وكم منهم قاسى وعانى الأمرّين، وحرم نفسه من ملذات الحياة خارج الوطن كي يوفر الدريهمات التي جمعها كي يتمتع بها بعد العودة إلى دياره، ثم طالت به الغربة وانقضت السنون، وهو مستمر في تقتيره ومعاناته وانتظاره، على أمل التمتع مستقبلاًً في ربوع الوطن، كما لو أنه قادر على تعويض الزمان! وكم من المغتربين عادوا فعلاً بعد طول غياب، لكن لا ليستمتعوا بما جنوه من أرزاق في ديار الغربة، بل لينتقلوا إلى رحمة ربهم بعد عودتهم إلى بلادهم بقليل، وكأن الموت كان ذلك المستقبل الذي كانوا يرنون إليه! لقد رهنوا القسم الأكبر من حياتهم لمستقبل ربما يأتي، وربما لا يأتي أبداً، وهو الاحتمال الأرجح! لقد عرفت أناساً كثيرين تركوا بلدانهم وشدوا الرحال إلى بلاد الغربة لتحسين أحوالهم المعيشية. وكم كنت أتعجب من أولئك الذين كانوا يعيشون عيشة البؤساء لسنوات وسنوات بعيداً عن أوطانهم، رغم يسر الحال نسبياً، وذلك بحجة أن الأموال التي جمعوها في بلدان الاغتراب يجب أن لا تمسها الأيدي لأنها مرصودة للعيش والاستمتاع في الوطن. لقد شاهدت أشخاصاً يعيشون في بيوت معدمة، ولو سألتهم لماذا لا يغيرون أثاث المنزل المهترئ فأجابوك بأننا مغتربون، وهذا البلد ليس بلدنا، فلماذا نضيّع فيه فلوسنا، وكأنهم سيعيشون أكثر من عمر وأكثر من حياة! ولا يقتصر الأمر على المغتربين البسطاء، بل يطال أيضاً الأغنياء منهم. فكم أضحكني أحد الأثرياء قبل فترة عندما قال إنه لا يستمتع كثيراً بفيلته الفخمة وحديقته الغنــّاء في بلاد الغربة، رغم أنها قطعة من الجنة، والسبب هو أنه يوفر بهجته واستمتاعه للفيلا والحديقة اللتين سيبنيهما في بلده بعد العودة، على مبدأ أن المــُلك الذي ليس في بلدك لا هو لك ولا لولدك!! وقد عرفت مغترباً أمضى زهرة شبابه في أمريكا اللاتينية، ولما عاد إلى الوطن بنا قصراً منيفاً، لكنه فارق الحياة قبل أن ينتهي تأثيث القصر بيوم!! كم يذكــّرني بعض المغتربين الذين يؤجلون سعادتهم إلى المستقبل، كم يذكــّرونني بسذاجتي أيام الصغر، فذات مرة كنت استمع إلى أغنية كنا نحبها كثيرا أنا وأخوتي في ذلك الوقت، فلما سمعتها في الراديو ذات يوم، قمت على الفور بإطفاء الراديو حتى يأتي أشقائي ويستمعون معي إليها، ظناً مني أن الأغنية ستبقى تنتظرنا داخل الراديو حتى نفتحه ثانية. ولما عاد أخي أسرعت إلى المذياع كي نسمع الأغنية سوية، فإذا بنشرة أخبار. إن حال الكثير من المغتربين أشبه بحال ذلك المخلوق الذي وضعوا له على عرنين أنفه شيئاً من دسم الزبدة، فتصور أن رائحة الزبدة تأتي إليه من بعيد أمامه، فأخذ يسعى إلى مصدرها، وهو غير مدرك أنها تفوح من رأس أنفه، فيتوه في تجواله وتفتيشه، لأنه يتقصى عن شيء لا وجود له في العالم الخارجي، بل هو قريب منه. وهكذا حال المغتربين الذين يهرولون باتجاه المستقبل الذي ينتظرهم في أرض الوطن، فيتصورون أن السعادة هي أمامهم وليس حولهم. كم كان المفكر والمؤرخ البريطاني الشهير توماس كارلايل مصيباً عندما قال: ” لا يصح أبداً أن ننشغل بما يقع بعيداً عن نظرنا وعن متناول أيدينا، بل يجب أن نهتم فقط بما هو موجود بين أيدينا بالفعل”. لقد كان السير ويليام أوسلير ينصح طلابه بأن يضغطوا في رؤوسهم على زر يقوم بإغلاق باب المستقبل بإحكام، على اعتبار أن الأيام الآتية لم تولد بعد، فلماذا تشغل نفسك بها وبهمومها. إن المستقبل، حسب رأيه، هو اليوم، فليس هناك غد، وخلاص الإنسان هو الآن، الحاضر، لهذا كان ينصح طلابه بأن يدعوا الله كي يرزقهم خبز يومهم هذا. فخبز اليوم هو الخبز الوحيد الذي بوسعك تناوله. أما الشاعر الروماني هوراس فكان يقول قبل ثلاثين عاماً قبل الميلاد: “سعيد وحده ذلك الإنسان الذي يحيا يومه ويمكنه القول بثقة: أيها الغد فلتفعل ما يحلو لك، فقد عشت يومي”. إن من أكثر الأشياء مدعاة للرثاء في الطبيعة الإنسانية أننا جميعاً نميل أحياناً للتوقف عن الحياة، ونحلم بامتلاك حديقة ورود سحرية في المستقبل- بدلاً من الاستمتاع بالزهور المتفتحة وراء نوافذنا اليوم. لماذا نكون حمقى هكذا، يتساءل ديل كارنيغي؟ أوليس الحياة في نسيج كل يوم وكل ساعة؟ إن حال بعض المغتربين لأشبه بحال ذلك المتقاعد الذي كان يؤجل الكثير من مشاريعه حتى التقاعد. وعندما يحين التقاعد ينظر إلى حياته، فإذا بها وقد افتقدها تماماً وولت وانتهت. إن معظم الناس يندمون على ما فاتهم ويقلقون على ما يخبئه لهم المستقبل، وذلك بدلاً من الاهتمام بالحاضر والعيش فيه. ويقول دانتي في هذا السياق:” فكــّر في أن هذا اليوم الذي تحياه لن يأتي مرة أخرى. إن الحياة تنقضي وتمر بسرعة مذهلة. إننا في سباق مع الزمن. إن اليوم ملكنا وهو ملكية غالية جداً. إنها الملكية الوحيدة الأكيدة بالنسبة لنا”. لقد نظم الأديب الهندي الشهير كاليداسا قصيدة يجب على كل المغتربين وضعها على حيطان منازلهم. تقول القصيدة: “تحية للفجر، انظر لهذا اليوم! إنه الحياة، إنه روح الحياة في زمنه القصير. كل الحقائق الخاصة بوجود الإنسان: سعادة التقدم في العمر، مجد الموقف، روعة الجمال. إن الأمس هو مجرد حلم انقضى، والغد هو مجرد رؤيا، لكن إذا عشنا يومنا بصورة جيدة، فسوف نجعل من الأمس رؤيا للسعادة، وكل غد رؤيا مليئة بالأمل. فلتول اليوم اهتمامك إذن، فهكذا تؤدي تحية الفجر”. لمَ لا يسأل المغتربون عن أوطانهم السؤال التالي ويجيبون عليه، لعلهم يغيرون نظرتهم إلى الحياة في الغربة: هل أقوم بتأجيل الحياة في بلاد الاغتراب من أجل الاستمتاع بمستقبل هـُلامي في بلادي، أو من أجل التشوق إلى حديقة زهور سحرية في الأفق البعيد؟ كم أجد نفسي مجبراً على أن أردد مع عمر الخيام في رائعته (رباعيات): لا تشغل البال بماضي الزمان ولا بآتي العيش قبل الأوان، واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الأمان. | |
|
| |
الطير الدمشقي المدير المميز
عدد المساهمات : 481 السٌّمعَة : 12 تاريخ التسجيل : 05/05/2009
| موضوع: رد: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 2:42 am | |
| السلام عليكم
لكن إذا عشنا يومنا بصورة جيدة، فسوف نجعل من الأمس رؤيا للسعادة،
تسلم ايدك اخ ابو ووليد كتبت فأبدعت يعطيك العافيه
تقبل مروري
الطــير الدمــشقي | |
|
| |
ابوملاك عضو نشيط
عدد المساهمات : 74 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 07/01/2010
| موضوع: رد: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 3:04 am | |
| لمَ لا يسأل المغتربون عن أوطانهم السؤال التالي ويجيبون عليه، لعلهم يغيرون نظرتهم إلى الحياة في الغربة: هل أقوم بتأجيل الحياة في بلاد الاغتراب من أجل الاستمتاع بمستقبل هـُلامي في بلادي، أو من أجل التشوق إلى حديقة زهور سحرية في الأفق البعيد؟ كم أجد نفسي مجبراً على أن أردد مع عمر الخيام في رائعته (رباعيات): لا تشغل البال بماضي الزمان ولا بآتي العيش قبل الأوان، واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الأمان. سلامت يداك اخ ابو ليد وتقبل مروري | |
|
| |
ابو سيف الدين عضو مميز
عدد المساهمات : 112 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 13/01/2010
| موضوع: رد: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 3:12 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مشششششششششششششكور على هل الموضوع الرائع اخي ابو وليد زوانتظر المزيد من مواضيعك الجميلة | |
|
| |
عطر الحروفہ عضو مميز ذهبي
عدد المساهمات : 369 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 16/02/2010
| موضوع: رد: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 8:35 am | |
| موضوع رائع جدا جدا
تقبل مروري
عطرالحروف | |
|
| |
*أبووليد* عضو مميز ذهبي
عدد المساهمات : 392 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 44
| موضوع: رد: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 3:13 pm | |
| مشششكورين على مروركن وردودكم المبدعة التي نورة الموضوع | |
|
| |
شــروووق عضو مميز ذهبي
عدد المساهمات : 546 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 02/03/2010 العمر : 44
| موضوع: رد: ايها المغتربون الثلاثاء مارس 30, 2010 3:41 pm | |
| مهما طالت سنين الغربة بالمغتربين، فإنهم يظلون يعتقدون أن غربتهم عن أوطانهم مؤقتة، ولا بد من العودة إلى مرابع الصبا والشباب يوماً ما للاستمتاع بالحياة، وكأنما أعوام الغربة جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب. لاشك أنه شعور وطني جميل، لكنه أقرب إلى الكذب على النفس وتعليلها بالآمال الزائفة منه إلى الحقيقة. فكم من المغتربين قضوا نحبهم في بلاد الغربة وهم يرنون للعودة إلى قراهم وبلداتهم القديمة! وكم منهم ظل يؤجل العودة إلى مسقط الرأس حتى غزا الشيب رأسه دون أن يعود في النهاية، ودون أن يستمتع بحياة الاغتراب! وكم منهم قاسى وعانى الأمرّين، وحرم نفسه من ملذات الحياة خارج الوطن كي يوفر الدريهمات التي جمعها كي يتمتع بها بعد العودة إلى دياره، ثم طالت به الغربة وانقضت السنون، وهو مستمر في تقتيره ومعاناته وانتظاره، على أمل التمتع مستقبلاًً في ربوع الوطن، كما لو أنه قادر على تعويض الزمان! وكم من المغتربين عادوا فعلاً بعد طول غياب، لكن لا ليستمتعوا بما جنوه من أرزاق في ديار الغربة
موضوع في غاية الروعة والاهمية وانا سوف ارد عليه بهذه الابيات الغربة أعيتني وسوت تفاريق وامسيت فكر طاب ليه سمرها ماعاد في الدنيا مفاده وتشويق ماعاد فيها مايساوي تعبها الدهر قاسي حط سمي على الريق واعطاني الغير بزودة شبعها لابل ذه لايام كم جابت لي الظيق وخلتني اتساءل متى بافترقها الليلة دققت تدقيق وامسيت متساءل وراجي خبرها مشكور اخي ابو الوليد على ما قدمه قلمك من ابداع الغربة كربة بكل احوالها دمت ودام قلمك تقبل مروري | |
|
| |
ام كلثوم المديرة المميزة
عدد المساهمات : 849 السٌّمعَة : 4 تاريخ التسجيل : 13/01/2010
| موضوع: رد: ايها المغتربون الأربعاء مارس 31, 2010 1:02 am | |
| السلام عليكم............ موضوع رائع وجميل ولكنه مؤثر جدا بشأن الغربة الغربة كربة مهما كانت ولأي شيء كانت ........ سيعيشون أكثر من عمر وأكثر من حياة! ولا يقتصر الأمر على المغتربين البسطاء، بل يطال أيضاً الأغنياء منهم. فكم أضحكني أحد الأثرياء قبل فترة عندما قال إنه لا يستمتع كثيراً بفيلته الفخمة وحديقته الغنــّاء في بلاد الغربة، رغم أنها قطعة من الجنة، والسبب هو أنه يوفر بهجته واستمتاعه للفيلا والحديقة اللتين سيبنيهما في بلده بعد العودة، على مبدأ أن المــُلك الذي ليس في بلدك لا هو لك ولا لولدك!! وقد عرفت مغترباً أمضى زهرة شبابه في أمريكا اللاتينية، ولما عاد إلى الوطن بنا قصراً منيفاً، لكنه فارق الحياة قبل أن ينتهي تأثيث القصر بيوم!! ....... ............الغربة لابد يوما أن تزول.......ويارب .................................تقبل مروري ومشكور | |
|
| |
*أبووليد* عضو مميز ذهبي
عدد المساهمات : 392 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 44
| موضوع: رد: ايها المغتربون الأربعاء مارس 31, 2010 3:55 am | |
| نورتوالموضوع في مروركم الكريم ومشكورين على الردود الجميلة | |
|
| |
سهم النور Admin
عدد المساهمات : 317 السٌّمعَة : 21 تاريخ التسجيل : 03/05/2009 العمر : 46
| موضوع: رد: ايها المغتربون الأربعاء مارس 31, 2010 11:44 am | |
| السلام عليكم ابو وليد تحية من القلب على موضوعك الرائع يا جماعه هاد اهم موضوع بالمنتدى برأي الشخصي الموضوع لازم يتحول لنقاش متبادل من جميع الاعضاء حتى لو ما كانو مغتربين
لانو متعوب عليه فعلا وابو وليد بيستحق كل التقدير لانو مهم جدا وبهمنا نحنا كمغتربين بشكل خاص لو في جائزة لافضل موضوع كنت رشحت هاد موضوع ----------------------------------------- انا لاحظت انو اغلب الاعضاء الكرام اخدو الموضوع عن الغربه ومعاناتها برأي الموضوع ما عم يحكي عن الغربه عم يحكي عن امر اهم من الغربه بكتر بس المغتربين هني المعنيين بالموضوع اكتر الشي المهم بالموضوع انو نعيش يومنا بغض النظر اذا كنا مغتربين او لاء
- *أبووليد* كتب:
- وكم منهم قاسى وعانى الأمرّين، وحرم نفسه من ملذات الحياة خارج الوطن كي يوفر الدريهمات التي جمعها كي يتمتع بها بعد العودة إلى دياره
فعلا هاد الشي موجود وكتر مو شوي كتير من الشباب بكونو بالغربه حارمين انفسهم من ابسط الامور كرمال ينزل على الوطن ويصرف بشهرين بزيدو شوي او بينقصو شوي ما جمع خلال غربه الي حرم نفسو من كتير امور فيها ليش ما نحاول نعيش بالغربه بشكل افضل يمكن كتير يعترضو على كلامي بس ليش العيشه الضنقه لمدة طويله على امل عيشه كم يوم بالبلد رواق شي اكيد انو الغربه مو متل الوطن بس هاد ما بيعني انو نحرم انفسنا من ابسط الامور لمدة طويلةعلى امل نعيش كم يوم حلوين بالوطن كم يوم يمكن ما بيتجاوزو الشهرين بالوطن انا طولت عليكن بس هاد رأي وبتمنى من الاعضاء اضافة الاراء وبرجع بشكرك اخي ابو وليد على الموضوع وتقبل مروري مع فائق الود والاحترام ******************* "سهم النور" | |
|
| |
*أبووليد* عضو مميز ذهبي
عدد المساهمات : 392 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 44
| موضوع: رد: ايها المغتربون الخميس أبريل 01, 2010 12:25 am | |
| مشكور كل الشكرعلى الرد الجميل اخي سهم النور ونورت الموضوع بمرورك الطيف | |
|
| |
| ايها المغتربون | |
|